تعالج ملحمة جورجي أمادو الرائعة موضوع البدايات التي تتطلب الكثير من الصبر والجهد والنضال وعن التضحيات والأعمال المضنية التي يقوم بها العمال والتي تنسى عادة بعد أن يشيّد البناء ويصبح حاضراً للإستخدام والإستثمار.
في احتفال الذكرى المئوية لتحويل مدينة “توكايا غراندي”، إلى مدينة حديثة وجميلة ومنيرة، أحس الكاتب بالظلم وبتشويه الحقيقة وتزويرها، إذ أن لهذه المدينة البرازيلية العريقة، أسساً لم يأت على ذكرها، وتاريخاً لم يأبه له، ورجالاً لم يُعرفوا، قاموا ببنائها وكانوا صنّاعها وصانعيها. هذا الظلم دفعه لإجراء الكشف على جذور التأسيس، وعن الأعماق المنكرة، وإضاءة وجهها المظلم: “أريد أن أكشف عن الوجه المظلم وأسلط عليه النور، ذلك الوجه الذي محوه من مسيرة التاريخ بلؤم وجحود”. تتحدث الرواية إذا عن “توكايا غراندي” التي صنعها ثلاثة “لبناني، هندي، وزنجي”، والتي أودعها الكاتب البرازيلي كل انحيازه إلى جانب الفقراء والمعذبين في الأرض، وإظهاره لمحبتهم، وصبغ عليها شاعريته وحس الأسطورة لديه.
في سعيه وراء العدالة، ووراء نظام إنساني جديد، يسقط الكاتب جميع الأقنعة وجميع الستائر التي تحجب الحقائق عن الإنسان، ويفضح جميع الأهواء التي تحاول التلاعب به، والتحكم بمصائره، وجميع احتمالات تحكم الإنسان بالإنسان، كما يفضح “طموح ووضاعة وقوانين الإنسان” المتحضر.
رواية متكاملة، خصبة وغنية، وضع فيها الكاتب خبرته الحياتية الطويلة، وسجل فيها نضج استنتاجاته وحصيلة نضاله الدائم وسجل فيها موقفه الإنساني.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.