هي سيرة ذاتية مختصرة لصراع عاشه الكاتب، وتدوي ٌن لرحلة بحثه عن إجابات للسؤال الوجودي الأول: ما الهدف من كل هذا؟ لماذا نحن هنا؟
قاد التفكير العقلاني المختلط مع حماسة الشباب بكاتبنا تولستوي إلى ترك الدين الذي نشأ عليه منذ نعومة أظفاره. وبعد أن عاش حياة ملؤها الترف والرفاهية، وبعد أن أرضى كل نزواته وشهواته المادية، رأى حياته تذوي ونشاطه ينضب وبدنه يتهاوى ويهرم. أصابته صدمة كبيرة، أهذا هو مآل الإنسان؟ أهكذا ينتهي هذا الإنسان بكل أحلامه وذكرياته؟ إلى العدم ولا شيء غير ذلك..؟
ظلت هذه الأسئلة تقض مضجع تولستوي وتسلب النوم من عينيه، فعاش فترة اقترب فيها من الانتحار لولا قلة إقدامه التي أنقذته من ذلك المصير. كانت تلك الأسئلة والهموم تقرض من عمره يو ًما إثر يوم، وتدفعه دف ًعا نحو هلاكه، فلم ي َر ب ٍّدا من أن يبدأ رحلة بحث في مختلف المعارف الإنسانية ساع ًيا خلف إجابات لتلك الأسئلة. ولكنه لم يجد ضالته في أي من تلك المعارف.
استكمل تولستوي رحلة بحثه، فانتبه إلى الخطأ الذي وقع فيه عندما بحث عن الإجابات بالخوض في المعارف البشرية. بدأ في السعي إلى النور سال ًكا الطريق الذي سلكه ولا زال يسلكه أناس هم على خلاف العلماء الكبار الذين تو ّجه إليهم في بحثه، وعلى خلاف أبناء طبقته البرجوازيين الذين كان ينظر إلى الحياة وإلى الإنسانية بمنظورهم. ُدهش تولستوي لرؤيته ذلك الجانب الضخم من الحياة، والذي لم يفكر في النزول إليه سابقاً، بل لم يكن يعلم بوجوده. قاده كل ذلك في النهاية إلى التصالح مع البشرية بأجمعها، ومع حياته، بل وحتى مع الموت والمرض والمعاناة.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.