شاع فى الخطاب التحليليى العربى أن الصهيونية تضرب بجذورها فى التوراة والتلمود والتقاليد الدينية والإثنية اليهودية. وأُعتقد أن ثمة خللا تصنيفيا أساسيا هنا.
فالصهيونية، كما نحاول أن نبين فى هذه الدراسة وغيرها من الدراسات، ذات جذور غربية ثم أضيفت لها ديباجات يهودية ، فالبعد اليهودى فى معظم الأحيان بعد زخرفى تبريرى ، أضيف من أجل مقدرته التعبوية . وقد أدى هذا الخلل التصنيفى إلى خطأ الافتراضات التى تبدأ بها كثير من البحوث فى العالم العربى، وهذا يحدد بطبيعة الحال المجال الذى ترصده هذه البحوث وطريقة تصنيف المعلومات والنتائج التى يصل إليها الباحث، فهى فى معظم الأحيان ليس لها قيمة تفسيرية أو تنبؤية عالية. ولعلاج هذا الخلل كتبنا هذه الدراسة ، التى تتناول هذه الإشكالية، والتى تحاول أن توضح العناصر الغربية الأساسية (المادية والمعنوية) التى دخلت فى تكوين الرؤية الصهيونية للواقع، وأن الصهيونية ليست مجرد انحراف عن الحضارة الغربية الحديثة كما يحلو للبعض القول، وإنما هى إفراز عضوى لهذه الحضارة ولما نسميه بالحداثة الداروينية، أى الحداثة التى ترمى إلى تحويل العالم إلى مادة استعمالية توظف لصالح الأقوى(فى مقابل الحداثة الإنسانية التى ترمى إلى تحقيق التوازن بين الذات والطبيعة والتى تطالب بتكاتف كل أبناء الجنس البشرى لإعمار الأرض لصالح البشرية جمعاء بما فى ذلك الأجيال القادمة) .
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.