،مَرضٌ غَريبٌ يَجتاحُ سُكانَ وَادٍ مَعزولٍ بَيْنَ الجِبال، يَتسبَّبُ في فِقدانِ الناسِ أبصارَهُم شَيئًا فشَيئًا، ويُورثُه كلُّ جِيلٍ للجِيلِ الذي يَلِيه، إلى أنْ يأتيَ عليهم زَمنٌ لا يَكونُ فِيهِ مُبصِرٌ واحِد، وتُصبحُ كلمةُ «الإبصار»، وكلُّ ما يَتعلَّقُ بها مِن كلماتٍ تَصِفُ ما تَرَاه العَيْن، بَعِيدةً تَمامَ البُعدِ عَن قاموسِ هؤلاءِ الناس، ولا يَعرِفونَ لها أيَّ مَعنًى، بَل أيضًا يُصبِحُ وادِيهِمُ البَعيدُ عَن عالَمِ البَشرِ هو الكَونَ بأَسْرِه بالنِّسبةِ إليهم، ولا شيءَ سِواه.
وذاتَ يَومٍ تُلقِي الأقدارُ بأحدِ الغُرَباءِ المُبصِرينَ إلى بَلدِ العُمْيان، فمَاذا تُراهُ يَفعَل؟ ومَاذا تُراهُم يَفعَلونَ به؟ وهَلْ تَصدُقُ في حَقِّه المَقُولةُ القَدِيمة: «في بلدِ العُمْيانِ يَكونُ الأَعْورُ مَلِكًا»؟
الرواية لا تتحدث عن العمى الذي يصيب العيون وانما عن ذاك الذي يصيب النفوس والعقول. انها تتحدث عن “الجهل” والفقر الفكري وعن سهولة انتشارهما عندما يجدا الخصوبة في الأرض والمناخ الملائم… فالجهل هو الذي يحول الناس الى مخلوقات حانقة مذعورة عاجزة…
” بلد العميان ” رواية عبقرية وملهمة عندما ينهار الحق أمام الباطل، لان الحق حين لا يجد من ينصره يستسلم للباطل.
الرواية تلقي بظلالها على كثير من الأحداث حولنا ، فعندما تكون أنت العاقل الوحيد في زمن الجنون. المتعلم الوحيد في زمن الجهل .. المبصر الوحيد في أرض العميان .. أن تكون قيمك وأفكارك وآرائك ورؤيتك للحياه في كفة وتقبل المجتمع لك في كفة أخرى.. أن تشعر بأن عقلك وأفكارك عقبة بينك وبين المجتمع … أو ان ينظر لك المجتمع أنك مواطنا مريض ويجب علاجك… محكوم عليك بأن تشقى وأن يكيلوا لك الإتهامات بالجنون والتهور والخيانه والعمالة والفلولية.. فما أكثر أصحاب البصر عميان البصيرة بيننا، وما من مبرر لهم غير عمى أبصارنا وبصائرنا فإما ان تستسلم وتصبح مثلهم وإما عذاب أبدي مقيم ….
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.