المسكينةَ!
أراد أن يُعينها على بليَّتها فارتكب في حقِّها آثامًا. استجاب لوصيَّة شبح الفيافي في شأن العقال، فخان العهد المُبرَم معها بدم الروح لا بدم الجسد ليزيدها بليَّة إلى جانب البليّة. لماذا لا يعترف الآن أن ما فعله من أجلها لم يفعله من أجلها هي، ولكن من أجله هو؟ لماذا لا يُقرُّ بأنّه كان يمارس تدليسًا مَعيبًا في كل ما فعله لاستبقائها، لا خوفًا عليها من بنادق الأبالسة، أو أنصال السكاكين، ولكن لأنه لا يَقدِر على فراقها. لأن الوطن المفقود لم يُصبح وطنًا مُستعادًا إلَّا بوجودها، لأنها هي التجسيد لروح الوطن، بقدْر ما هي التجسيد للبلاء الذي حاق بالوطن؟ ألَا يعني هذا أنه لا يُحبّ ناقة الله كما يجب أن يفعل، ولكنه إنّما يحبُّ نفسه في ناقة الله؟
بعد وصوله للقائمة القصيرة لجائزة المان بوكر الدولية هذا العام 2015، صدر للروائي العربي الكبير إبراهيم الكُوني حديثاً رواية جديدة بعنوان ” ناقة الله “. وتدور أحدث الرواية في ستينات القرن الماضي حين تم تقسيم الصحراء الكبرى بين الدول، وسجن وتهجير أعداد كبيرة من الطوارق من أوطانهم الأصلية، وبدء محنة الاغتراب والتيه عن الوطن.
وعلى غرار روايته “التبر” التي بطلها جمل، والتي حققت نجاحاً كبيراً وترجمة إلى العديد من اللغات العالمية، فإن بطل رواية إبراهيم الكُوني الجديدة “ناقة الله” هي ناقة اسمها “تاملّالت”، أي الجاموس البري، تتوق حنيناً ووجداً إلى الوطن، وتصارع كل القيود والعراقيل كي تعود إلى أرضها، دون أن يجد راعيها ومحبها أسيس ترياقاً يشفيها من حنينها الموجع إلى الوطن، وتتصاعد أحداث الرواية كمعزوفة شجية تفيض بالشعر والحنين، وبالأسئلة الروحية والفلسفية الموجعة عن معنى الوطن والحرية والعدالة، وكأن الروائي إبراهيم الكُوني أراد لناقته أن تكون مثالاً للناس على حب الأوطان.
كلمات للبحث:
ناقة – ناقه – ناقه الله – ناقة الله
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.