يعيش الإنسان المعاصر فترة فارقة فى تاريخ البشرية. وصل فيها العلم إلى آفاق سامقة من المعرفة. كشف فيها الكثير عن أمور كانت تُعَد من الغيبيات، حتى صارت الفيزياء تعيش فى تخوم الميتافيزياء.
لقد صرنا نحيا فى زمان قول الحق (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ … [فصلت: 53]. لذلك جاء هذا الكتاب استجابة لقوله تعالى:قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ … [العنكبوت: 20].
إن خالق الكون (كتاب الله المنظور) هو منزل القرآن (كتاب الله المسطور). ويحقق الجمع بين قراءة الكتابين للإنسان التناغم بين العقل والقلب، فتتفجر داخله ينابيع الإيمان. ويستشعر الإنسان فى نفس الوقت أهمية الإلمام بسنن الله فى الكون وأهمية عدم التواكل والتقصير فى الأخذ بهذه السنن. من أجل الجمع بين القراءتين صدر هذا الكتاب. لقد مضى الوقت الذى يمكن للمسلم فيه أن يستمع لقصتين متباينتين للخلق دون أن يحرك ساكنًا؛ قصة تدعمها الاكتشافات العلمية والأخرى تعكس فهما قاصرًا لبعض المفسرين لآيات الخلق فى القرآن الكريم. لقد أصبح على المسلم أن يختار، ولا عجب أن اختار الكثير من شبابنا جانب العلم، وركن بعضهم إلى الإلحاد. ومن أجل تجاوز هذا الفصام وإعادة العلاقة بشكل حقيقى بين العلم والدين جاء هذا الكتاب داعيًا إلى تجديد الفكر الدينى وتجديد الفكر العلمى. لقد أصبح الإسلام المستهدَف الأول الذى يرقبه الكثيرون بعيون نهمة تبحث عن سوءة هنا وعورة هناك. ولا شك أن العيون قد وقعت على مثالب كثيرة، أهمها مجافاة بعض ممن يُطلَق عليهم المفكرون الإسلاميون للعلم. ما أحوجنا أن نحرر الإسلام مما علق به من أساطير وفهم محدود، ليعود غضًا فتيًّا نضرًا قادرًا على استيعاب كل ما يجد من مكتشفات العلم وإنجازات الفكر الإنسانى السوى، ذلك حتى يعود ديننا صالحًا لكل زمان ومكان كما أراد الله له أن يكون.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.